تكوين البذور ومراحل كسر السكون
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تكوين البذور ومراحل كسر السكون
تتكون البذرة من الأجزاء الآتية:
1- الجنين: يعتبر الجنين منشأ لنبات جديد ويتكون غالباً نتيجة لاتحاد الجاميطة المؤنثة المذكرة وقد تحتوى البذرة على أكثر من جنين واحد ويتركب الجنين من السويقة الجنينية السفلى، الفلقات، السويقة الجنينية العليا والريشة والجذير.
2- الأنسجة المختزنة: تخزن البذور الغذاء اما فى الفلقات أو فى الاندروسبرم أو البرسبرم وتسمى البذور الاندوسبرمية albuminous أما الغير اندوسبرمية فتسمى exalbumenous وفى هذه الحالة يخزن الغذاء اما داخل الفلقات أو أحيانا فى البرسبرم الذى ينشأ من النيوسيلة.
3-الأغلفة البذرية: تتكون من أغلفة البذرة أو بقايا النيوسيلة والاندوسبرم ويتكون غلاف البذرة (القصرة testa) من أغلفة البويضة وهى تتكون من علاف أو اثنين عادة وغالبا ما يتصلب الغلاف الخارجى ويصبح ذو لون غامق فى حين يظل الغلاف الداخلى شفاف رقيق وتبقى النيوسيلة والاندوسبرم داخل الغلاف الداخلى مكونة فى بعض الحالات طبقة واضحة حول الجنين.
أنواع البذور:
تقسم البذور عادة إلى قسمين من ناحية التركيب التشريحى:
أ- بذور وحيدة الأجنة: وهى التى عندما تنمو تعطى نبات واحد.
ب- بذور عديدة الأجنة: وهى التى تعطى عند إنباتها عدة بادرات إحداها ناتجة من الجنين الجنسى أما النموات الباقية فتنتج خضرياً من نسيج النيوسيلة وتكون متشابه وراثيا تماما لأنسجة الأم لذا يمكن اعتبار هذه النباتات خضرية التكاثر ولو أنها ناتجة من البذور وتعتبر المانجو والموالح والكازمارو من أشهر الأمثلة لهذه البذور عديدة الأجنة.
التكاثر البذرى :
هو إنتاج فرد أو نبات جديد طريق جنين البذرة الجنسى والناتج عن عمليتى التلقيح والإخصاب. وتستخدم البذرة كوسيلة إكثار أساسية . ولكن بالنسبة لأشجار الفاكهة فإنه قد لا ينصح بإتباع التكاثر الجنسي حيث أن معظم أشجار الفاكهة خلطية التلقيح مما يعنىأنها خليط وراثيا أي تختلف وراثيا فيما بينها، حيث أنه عند تكوين حبوب اللقاح والبويضات من خلال الانقسام الاختزالى يحدث الانعزالات الوراثية والعبور والكيازما ومن ثم تختلف الجاميطات الناتجة عن بعضها فى التركيب الوراثى والذى يؤدى إلى إنتاج نسل يختلف كل فرد فيه عن الآخر، أوغير متماثلة .
إنبات البذرة Seed germination:هو مقدرة البذرة على إعطاء بادرة واستئناف نمو الجنين بعد توقفه عن النمو أو سكونه مؤقتا لحين تهيئ الظروف الملائمة للإنبات وتشمل عملية الإنبات عمليات طبيعية , وكيميائية فسيولوجية حيوية .
العمليات الطبيعية للإنبات : تبدأ العمليات الطبيعية بامتصاص الماء Imbibition وهى عملية طبيعية تحدث سواء للبذور سواء كانت حية ام ميتة فتنتفخ الخلايا ويصبح السيتوبلازم اكثر مائية Hydrated وتطرى أغطية البذرة وتصبح اكثر نفاذية للغازات وينتج عن التشرب انطلاق حرارة .
العمليات البيوكيميائية للإنبات : تشمل العمليات الكيميائية للإنبات التنفس وزيادة حجم الخلايا وتنشيط الأنزيمات وتكوين أنزيمات جديدة وهى التى تقوم بهضم الغذاء المخزون فى مناطق تخزين الغذاء Stored food digestion بتحويل النشا الى سكريات والليبيدات الى الأحماض الدهنية والجلسرول والبروتينات الى أحماض أمينية والفيتين الى أيونات فوسفات وبذلك يسهل نقلها الى المرستيمات .
يتطلب إنبات البذرة توافر ثلاثة عوامل رئيسية هامة وهى:
* يجب أن تكون البذور حية ، بمعنى أن يكون الجنين حى وله القدرة على الانبات.
* عدم وجود البذرة فى حالة السكون وأن يكون الجنين قد مر بمجموعة تغيرات مابعد النضج، وليس هناك موانع كيميائية أو فسيولوجية تعيق عملية الانبات.
* توافر الظروف البيئية الضرورية للانبات ومنها الماء ودرجة الحرارة والأكسجين وأحياناً الضوء.
مراحل الانبات Stages of germination:يمكن تقسيم عملية الانبات إلى عدة مراحل منفصلة، وذلك بغرض تفهم كل مرحلة منها على حدة، إلا أنها فى حقيقة الأمر مراحل متداخلة مع بعضها، وهذه المراحل هى:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة امتصاص الماء): وفيها تقوم المواد الغروبة فى البذور الجافة بامتصاص الماء مما يزيد من المحتوى الرطوبى للبذور، ويعقب ذلك إنتفاخ البذور وزيادة أحجامها وقد يصاحب هذا الانتفاخ تمزق أغلفة البذرة. وتجدر الملاحظة هنا أن عملية إمتصاص الماء وإنتفاخ البذرة يمكن أن تحدث حتى مع البذور الغير حية. وعقب إمتصاص الماء وإنتفاخ البذور يبدأ نشاط الأنزيمات التى تكونت أثناء تكوين الجنين، وكذلك تخليق بعض الأنزيمات الجديدة. كما تنشط بعض المركبات الكيميائية الخاصة بإنتاج الطاقة اللازمة لعملية الانبات مثل (ATP) أو الأدينوزين ثلاثى الفوسفات.
وفى نهاية هذه المرحلة يمكن مشاهدة أولى مظاهر الانبات والتى تتمثل فى ظهور الجذير والذى يظهر كنتيجة لاستطالة الخلايا أكثر من كونه نتيجة للانقسام الخلوى. وعادة ما يظهر الجذير من البذور الغير ساكنة خلال عدة ساعات أو أيام من الزراعة وبظهوره تنتهى المرحلة الأولى.
ب- المرحلة الثانية (مرحلة هضم المواد الغذائية): ويحدث فى هذه المرحلة تحول المواد الغذائية المعقدة مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات المخزنة فى الأندوسبيرم أو الفلقات الى مواد بسيطة والتى تنتقل إلى نقط النمو الموجودة بمحور الجنين، والتى يسهل على الجنين تمثيلها.
جـ- المرحلة الثالثة (مرحلة النمو): وفى هذه المرحلة يحدث نمو البادرة الصغيرة كنتيجة لإستمرار الإنقسام الخلوى الذى يحدث فى نقط النمو المختلفة والموجودة على محور الجنين. وبتقدم مراحل النمو تأخذ البادرة الشكل الخاص بها.
ويتكون الجنين من المحور الذى يحمل واحدة أو أكثر من الأوراق الفلقية، والجذير الذى يظهر من قاعدة محور الجنين، بينما تظهر الريشة من الناحية العلوية لمحور الجنين فوق الأوراق الفلقية. ويقسم ساق البادرة إلى السويقة الجنينية العليا والتى توجد أعلى الفلقات، والسويقة الجنينية السفلى التى توجد أسفل الفلقات.
ويأخذ إنبات البذور صورتين مختلفتين هما:
(أ) الإنبات الهوائى: وفيه تنمو السويقة الجنينية السفلى إلى أعلى، حاملة الفلقات لتظهر فوق سطح التربة، كما فى حالة إنبات بذور الكريز.
(ب) الانبات الأرضى: وفى هذه الحالة تنمو السويقة الجنينية السفلى إلا أنها لا تتمدد بالقدر الذى يسمح برفع الفلقات فوق سطح التربة ولكن الذى يظهر فوق سطح التربة هى السويقة الجنينية العليا، كما هو الحال عند إنبات بذور الخوخ.
سكون البذرة Seed Deormancy :
لقد حبا الله البذرة القدرة على تأخير أو تأجيل إنباتها حتى يتهيأ لها الوقت الملائم والظروف البيئية المثلى، وذلك لضمان بقاء الأنواع النباتية جيلاً بعد آخر. هذه الميكانيكية خاصة بالنسبة للأنواع النباتية التى تتواجد بالمناطق الصحراوية أو المناطق الباردة، حيث تكون الظروف غير ملائمة لإنبات البذور عقب نضجها أو جمعها مباشرة. وقبل تناول هذا الموضوع يجب أن نفرق بين سكون البذرة الناتج عن عدم توافر الظروف الضرورية للإنبات وهذا ما يطلق عليه Quiescence وبين السكون الحقيقى true dormancy والذى يمكن تعريفه بأنه عدم قدرة البذور الحية على الانبات حتى مع توافر الظروف المثلى والملائمة لذلك، أى يرجع هذا النوع من السكون إلى عوامل داخلية خاصة بالبذرة نفسها. وهناك نوعين من السكون هما:
أ - السكون الأولى: Primary dormancy
وعادة ما يحدث هذا النوع من السكون بالبذرة أثناء نضجها على النبات.
ب- السكون الثانوى: Secondary dormancy
وهذا النوع من السكون يحدث للبذرة بعد جمعها وفصلها عن النبات الأم. ويحدث هذا السكون نتيجة لتأثير واحد أو أكثر من العوامل البيئية.
أولا: السكون الأولى Promary dormancy
وهو أكثر أنواع السكون شيوعاً. ويحدث السكون الأولى نتيجة لعدد من العوامل الطبيعية والفسيولوجية، وهذه العوامل يمكن إجمالها فيما يلى:
1- السكون الراجع إلى أغلقة البذرة :Seed coat dormancy وفى هذه الحالة يقوم غلاف البذرة بالدور الهام فى عدم إنباتها وقد يرجع ذلك إلى:
أ- السكون الطبيعى: Physical dormancy
ويتمثل فى وجود غلاف البذرة الصلب والذى لايسمح بنفاذية الماء، والسكون هنا لايرجع إلى سكون الجنين، وهذه الظاهرة توجد فى بذور كثير من العائلات النباتية مثل العائلة البقولية والعائلة النجيلية والباذنجانية وغيرها وكثير من النباتات الخشبية.
ب- السكون الميكانيكى: Mechanical dormancy
يتمثل فى وجود الأغلفة الصلبة التى تمنع تمدد الجنين خلال عملية الانبات. ولاشك أن وجود هذا العامل يؤخر من إنبات البذرة. وتوجد هذه الحالة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الجوز والفواكه ذات النواة الحجرية (خوخ، مشمش.. الخ). ولقد لوحظ أن الغلاف الصلب (الأندوكارب) المحيط ببذور الخوخ يقلل من معدل إمتصاص الماء ومن ثم يؤخر من التخلص من المواد المثبطة للانبات والموجودة فى أنسجة البذرة.
جـ - السكون الكيميائى (المواد المثبطة للانبات): Chemical dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى وجود مواد كيميائية يطلق عليها مثبطات الانبات توجد فى أنسجة الثمرة وأغلفة البذرة. ولقد لوحظ أن عصير مثل هذه الثمار يثبط إنبات البذور بشدة. وتوجد هذه الظاهرة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الموالح (الحمضيات) والقرعيات، والثمار ذات النواة الحجرية والتفاح والكمثرى والعنب والطماطم. ومن أمثلة المواد المثبطة للانبات بعض المركبات الفينولية والكومارين Coumarin وحمض الأبسيسك abscisic acid. وتجدر ملاحظة أن هذه المواد المثبطة يمكن أن تتواجد بالقرب من أجنة بذوربعض الأنواع النباتية الأخرى مثل Atriplex والرجلة.
د- الأغلفة غير المنفذة للغازات Impermeability of seed coats to gases:
على الرغم من أن الماء والأكسجين تتكون من جزئيات صغيرة، إلا أن أغلفة البذرة تتميز بوجود ظاهرة الاختيارية بالنسبة لنفاذية هذه الجزئيات من خلالها، فهى تسمح بمرور جزيئات الماء بينما تمنع مرور جزيئات الأكسجين الضرورى لعملية الانبات. وظاهرة النفاذية الاختيارية توجد فى بذور بعض النباتات مثل الشبيط والتفاح والبسلة. وتجدر ملاحظة أن إنخفاض معدل نفاذية الأكسجين أو زيادته من خلال أغلفة البذرة يرتبط ببعض العوامل الأخرى. فقد لوحظ أن أغلفة بذور التفاح لم تسمح بنفاذ الأكسجين فى حين حدث إمتصاص البذرة للماء وإنتفاخها على درجة حرارة 20هم، بينما يزداد معدل نفاذية الأغلفة للأكسجين عندما تكون درجة حرارة الوسط الذى تم فيه إمتصاص البذرة للماء 4هم.
كما أن هناك بعض البذور تختلف درجة نفاذيتها لغازى الأكسجين وثانى أكسيد الكربون. فقد وجد Brown 1940م أن الغلاف النيوسيلى الداخلى لبذرة الخيار يسمح بنفاذية أكبر لغاز ثانى أكسيد الكربون (15.5مل/سم2/ ساعة) عن غاز الأكسجين (4.3مل/سم2/ ساعة).
2- السكون المورفولوجى: Morphological dormancy
ويوجد هذا النوع من السكون فى بعض العائلات النباتية التى تتصف بذورها بعدم إكتمال نمو الأجنة وقت جمع البذور، ومن ثم يلزم إستكمال نمو هذه الأجنة عقب فصل البذور وجمعها وقبل الإنبات.
وقد يرجع السكون فى هذه الحالة إلى وجود الحالات التالية:
أ- الأجنة الأثرية:
الأجنة الأثرية عبارة عن أجنة غير متكشفة وقت نضج الثمار. فهناك بعض البذور تحتوى على أجنة غير متكشفة وعادة ما تكون هذه الأجنة صغيرة جداً ومطمورة بين الأنسجة المغذية كالاندوسبيرم كما هو الحال فى بذور المانوليا magnolia وبذور كثير من الزهور وأبصال الزينة مثل الأنيمون enemone وشقائق النعمان ranunculus والأوركيد orchids.
وبالاضافة لوجود الأجنة الأثرية فقد توجد أيضاً مواد مانعة للانبات فى الأندوسبيرم المحيط بهذه الأجنة. ويمكن إجراء بعض المعاملات التى من شأنها أن تدفع الجنين على النمو مثل تعريض البذور لدرجة حرارة 15هم أو أقل، وتعريض البذور لدرجات حرارة مختلفة (مرتفعة أو منخفضة) فى تتابع، أو معاملة البذور ببعض المواد الكيماوية مثل نترات البوتاسيوم أو حمض الجبريليك.
ب- الأجنة غير مكتملة النمو :
فى بعض الحالات تحتوى البذور على أجنة غير مكتملة النمو بحيث نجد أن الجنين لا يشغل سوى نصف فراغ البذرة وذلك عند نضج الثمار ومن ثم لابد أن ينمو الجنين ليشغل هذا الفراغ قبل الإنبات. وتوجد هذه الحالة فى بعض نباتات العائلة الخيمية Umbelliferae مثل الجزر وبعض نباتات العائلة Ericaceae مثل الأزاليا rhodidendron. وهناك عدد من الأنواع النباتية وخاصة وحيدة الفلقة منها والتى تنمو فى المناطق الإستوائية توجد ببذورها مثل هذه الظاهرة. أى تحتوى بذورها على أجنة غير مكتملة النمو، ويمكن المساعدة فى إكتمال نمو الجنين وتمددة وذلك بتعريض البذور لدرجات حرارة مرتفعة حتى يحدث الإنبات. فعلى سبيل المثال نجد أن بذور بعض الأنواع المختلفة من النخيل تحتاج إلى فترة طويلة قد تصل إلى عدة سنوات حتى يحدث بها الانبات، ولكن يمكن إختصار هذه المدة إلى ثلاثة أشهر فقط وذلك بتعريض البذور لدرجة حرارة تتراوح مابين 38- 40هم، أو يمكن أن يحدث الانبات خلال 24 ساعة وذلك بفصل الأجنة وزراعتها على بيئات ملائمة. ويمكن معاملة البذور بحمض الجبريليك بتركيز 1000جزء فى المليون وهذه المعاملة تسرع من إنبات بذور النخيل، غير أن أغلفة البذرة تحتاج إلى معاملات خاصة لضمان دخول وتغلغل حمض الجبريليك.
- السكون الفسيولوجى: Physiological dormancy
وهذا النوع من السكون يتحكم فيه عدة عوامل داخلية خاصة بأنسجة البذرة نفسها. فكثير من بذور النباتات العشبية التى تنمو بالمناطق المعتدلة تتميز بذورها بالسكون الفسيولوجى الذى يكون واضحاً عقب جمع البذور والذى يختفى تدريجياً خلال نقل وتداول البذور وتخزينها تخزيناً جافاً. وقد تمتد فترة السكون فى مثل هذه البذور من 1- 6 أشهر.
وعندما تكون البذور ساكنة فسيولوجياً فإنها تحتاج لكى تنبت إلى عدة عوامل بيئية خاصة تختلف عن تلك العوامل المطلوبة للإنبات فى حالة عدم سكون البذرة. فبذور الأمرنتس الطازجة يمكنها أن تنبت فقط على درجات الحرارة المرتفعة (30هم) فى حين أن بذور الخس يثبط إنباتها عند درجات حرارة أعلى من 25هم. كما أن بذور بعض الأنواع النباتية تحتاج إلى الضوء حتى تستطيع الانبات مثل الخس، بينما بذور بعض الأنواع الأخرى تحتاج إلى فترات إظلام حتى يحدث الإنبات.
ويعتقد بأن السكون الفسيولوجى للبذرة وعلى وجه العموم ينظم بمدى التوازن بين كل من مثبطات ومنشطات النمو الداخلية. ويعزى السكون إلى وجود المواد المثبطة أو غياب المواد المنشطة للنمو، أو لمدى العلاقة بين الاثنين. ويتأثر مستوى هذه المواد سواء أكانت مثبطات أو منشطات بعدد من العوامل البيئية الخارجية مثل الضوء والحرارة. ولتوضيح العلاقة بين هذه المواد وكيفية تنظيمها لحدوث السكون من عدمه فقد إقترح Khan 1971م أن هناك ثلاثة أنواع من الهرمونات النباتية تتحكم فى هذه الميكانيكية. النوع الأول وهو الجبريلين وله تأثير تنشيطى على الانبات. ولكى يحدث الانبات لابد من وجود الجبريلين، غير أنه فى وجود المواد المثبطة (النوع الثانى) يختفى التأثير التنشيطى للجبريلين أما النوع الثالث من الهرمونات فهو السيتوكينيين ويعمل على كسر السكون عن طريق منع المواد المثبطة من إظهار تأثيراتها، ومن ثم فإنه إذا وجدت المواد المثبطة فى حالة غير منشطة فإن السيتوكينين لا يصبح له أى دور فى كسر سكون البذرة حيث أن هذه هى وظيفة الجبريلين.
4- سكون الجنين: Embryo dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى أن الجنين نفسه فى مرحلة سكون، والدليل على ذلك أنه إذا ما فصلت مثل هذه الأجنة لتنميتها على بيئات معقمة لا يمكن أن تنبت بحالة طبيعية. وهذه الظاهرة توجد فى بذور العديد من أنواع نباتات المناطق المعتدلة. ويلزم لكسر هذا النوع من السكون وتحرير الأجنة منه، أن تعرض البذور لدرجة حرارة منخفضة ورطوبة لفترة معينة من الزمن تحدث خلالها عدة تغيرات تؤدى إلى الانبات وهذه التغيرات يطلق عليها تغيرات بعد النضج. وتعرض البذور لدرجات حرارة منخفضة ورطوبة مناسبة مع وجود التهوية الجيدة لفترة زمنية تطول أو تقصر حسب الأنواع. كل هذه الاحتياجات يمكن الابقاء بها عن طريق ما يطلق عليه الكمر البارد Cold stratitication وفيه توضع البذور فى طبقات متبادلة مع طبقات من الرمل أو نشارة الخشب المنداه فى صوان أو صناديق، ثم تخزن فى الثلاجة على درجة حرارة منخفضة (2-7هم) لفترة زمنية تختلف بإختلاف الأنواع النباتية، ويحدث خلالها تغيرات ما بعد النضج.
وبذور الأنواع النباتية التى بها هذا النوع من السكون، تحتاج إلى برودة عالية لمدة تتراوح من 1-4 أشهر لكى يحدث الانبات. علاوة على ذلك فإنه عند فصل أجنة هذه البذور وتنميتها على بيئات مغذية، فهى عادة لا تنبت بحالة طبيعية بل تظهر درجات مختلفة من أعراض السكون. فقد تتمدد الفلقات ويحضر لونها مع خروج جذير قصير وسميك، كما لايحدث نمو أو استطالة للسويقة الجنينية العليا. ويمكن إستخدام هذه المظاهر البسيطة للحكم إلى حد ما على مدى حيوية هذه البذور الساكنة.
ولكسر هذا النوع من السكون يجب توافر الظروف التالية:
1- إمتصاص البذرة للماء وإنتفاخها.
2- تعريض البذور للبرودة (ليس من الضرورى أن تكون على درجة التجمد).
3- التهوية الجيدة.
4- الوقت الكافى.
ولحدوث تغيرات مابعد النضج، لابد للبذور من إمتصاص الماء، حيث لوحظ أن البذور ذات الأغلفة الصلبة (مثل الخوخ والمشمش... الخ) تمتص الماء ببطئ شديد مما يؤدى إلى زيادة الفترة اللازمة لحدوث التغيرات المطلوبة.
وخلال تعرض البذرة لدرجة الحرارة المنخفضة، نجد أن المحتوى الرطوبى الداخلى بالبذرة يظل ثابتاً تقريباً أو ربما يرتفع هذا المحتوى تدريجياً، ولكن بنهاية السكون ومع بداية الانبات يبدأ الجنين فى إمتصاص الماء بسرعة. ويجب ملاحظة أن نقص المحتوى الرطوبى للبذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى حدوث آثار سيئة. فالجفاف قرب نهاية الكمر البارد يمكن أن يؤدى إلى الأضرار بالجنين. كذلك فإن جفاف البذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى إيقاف تغيرات ما بعد النضج، علاوة على أنه يؤدى إلى ما يسمى بالسكون الثانوى
وتعتبر الحرارة من أهم العوامل التى تؤثر على معدل حدوث تغيرات ما بعد النضج خلال فترة كمر البذور. وقد وجد أن أنسب درجات حرارة والتى يمكن عندها كسر السكون وحدوث التغيرات المختلفة تتراوح بين 2- 57هم. وقد تحدث درجات الحرارة الأقل أو الأعلى من هذا المدى نقصاً فى معدل تغيرات ما بعد النضج. وقد تؤدى درجات الحرارة المرتفعة إلى فشل الإنبات وحدوث السكون الثانوى. وقد وجد أن تعريض بذور التفاح لدرجة حرارة 17هم يحدث عندها توازن بين العمليات المؤدية الى تغيرات بعد النضج وتلك المسئولة عن السكون الثانوى. وتسمى هذه الدرجة من الحرارة بحرارة التعويض Compensation temperature. وإستجابة بذور التفاح للانبات تختلف بإختلاف درجات الحرارة التى عرضت لها البذور، فعند درجات الحرارة المنخفضة كان إنبات البذور بطيئاً، ولكن نسبة الإنبات كانت مرتفعة، بينما عند درجات الحرارة المرتفعة زاد معدل الانبات غير أن نسبة الانبات إنخفضت، وهذا الانخفاض فى نسبة الانبات يزداد كلما إرتفعت درجة الحرارة.
ولابد من توافر التهوية الجيدة حول البذور أثناء عملية الكمر البارد إذ أن ذلك يؤدى إلى حدوث تغيرات ما بعد النضج بحالة طبيعية. ويختلف طول فترة بعد النضج بإختلاف الأنواع أو الأصناف التابعة لنفس النوع. وقد تمتد هذه الفترة من 1-3 أشهر، إلا أنها قد تزداد إلى 5 أو 6 أشهر فى بعض الأنواع النباتية الأخرى.
5- سكون السويقة الجنينية العليا: Epicotyl dormancy
فى بعض الحالات نجد أن البذور تحتاج إلى عمليات كمر بارد منفصلة لكل من الجذير والسويقة الجنينية السفلى والسويقة الجنينية العليا.
ويمكن تقسيم الأنواع التى تقع تحت هذا القسم الى مجموعتين هما:
أ- بذور يمكن تنشيط إنباتها وذلك بتعريضها لوسط دافئ لفترة تختلف من 1-3 أشهر، وهذه المعاملة تنشط نمو الجذير والسويقة الجنينية السفلى، وبعد ذلك تحتاج البذور للتعرض للبرودة لمدة تتراوح بين 1-3 أشهر أيضاً حتى يمكن للسويقة الجنينية العليا أن تنمو بحالة طبيعية.
ب- وفى هذه المجموعة تحتاج البذور للكمر البارد لأحداث تغيرات بعد النضج فى الجنين، ثم يعقب ذلك تعريض البذور لفترة دفئ للسماح للجذير بالنمو ثم تعرض مرة ثانية لفترة برودة حتى ينشط النمو الخضرى. وفى الطبيعة نجد أن بذور مثل هذه الأنواع تحتاج إلى موسمى نمو كاملين حتى يكتمل إنباتها.
6- وجود نوعين من السكون: Double dormancy
فى بعض الحالات يوجد بالبذرة أكثر من نوع واحد من السكون، فمثلاً فى بعض الحالات تتميز البذرة بالأغلفة الصلبة الغير منفذة للماء، هذا بالإضافة إلى سكون الجنين نفسه، ولتشجيع البذور على الانبات لابد من كسر كلا نوعى السكون. فيمكن معاملة أغلفة البذرة ببعض المعاملات التى تسمح للماء بالمرور من خلاله إلى الجنين، ثم تحدث تغيرات بعد النضج التى من شأنها كسر سكون الجنين. وأفضل طريقة للتخلص من سكون هذه البذور هو إجراء كمر دافئ لبضعة أشهر تنشط خلاله الأحياء الدقيقة لتحلل غلاف البذرة ثم يعقب ذلك كمر بارد.
وهذا النوع من السكون يوجد فى بذور الأنواع الشجرية والشجيرية والتى تنمو فى المناطق الباردة حيث تتميز بذورها بوجود الأغطية الصلبة. وفى الطبيعة تلعب العوامل البيئية دوراً هاماً فى كسر هذا السكون حيث أنه عند سقوط البذور على سطح الأرض يحدث كسر للسكون الطبيعى (الناشئ عن أغلفة البذرة) حيث تحدث ليونة أو تطرية فى هذه الأغطية، ثم بتعرض البذور لبرد الشتاء تحدث تغيرات بعد النضج.
ثانيا : السكون الثانوى Secondary dormancy
هذا النوع من السكون يحدث للبذور عقب فصلها وجمعها من النبات الأم. وهنا يجب ملاحظة أن البذور فى هذه الحالة عقب جمعها لاتكون ساكنة ولكن نتيجة لتعرضها لبعض الظروف يمكن دفعها إلى دخول السكون.
ويمكن تحرير البذور من السكون الثانوى وذلك بتعريضها للبرودة وأحيانا للضوء وفى كثير من الحالات بمعاملة البذور بالهرمونات المنشطة للانبات خاصة حمض الجبريليك gibberellic acid. كذلك يمكن منع حدوث السكون الثانوى بتجفيف البذور وتخزينها تخزيناً جافاً.
ويلعب السكون الثانوى دوراً هاماً للمحافظة على الأنواع النباتية فى الطبيعة. فكما هو ملاحظ أن بذور نباتات الأنواع المنزرعة تحتفظ بحيويتها لمدة طويلة إذا كانت هذه البذور جافة، كما أنها تفقد سكونها الأولى خلال فترات التخزين، ويمكن لمثل هذه البذور أن تنبت مباشرة عند غمرها بالماء.
المعاملات التى تؤدى إلى كسر سكون البذرة Treatments to overcome seed dormancy :
هناك عدة معاملات تجرى على البذور قبل زراعتها وذلك لإخراجها من السكون وحتى تنبت بصورة طبيعية، وتعطى بادرات قوية النمو. بعض هذه المعاملات تجرى بغرض تطرية أو تليين غطاء البذرة حتى يسهل دخول الماء والغازات من خلاله، والبعض الأخر يجرى لكسر سكون الجنين نفسه أو لازالة المواد المثبطة للنمو والتى تمنع إنبات البذور.
وفيما يلى وصفاً موجزاً لهذه المعاملات:
أ- الخدش الميكانيكى: Mechanical searification
ب- الغمر فى الماء الساخن: Hot water scarification
جـ- المعاملة بالأحماض: Acids scaritication
د - الكمر الدافى: Warm moist scariffication
هـ- المعاملة بالحرارة المرتفعة: High temperature scarification
و- جمع الثمار غير مكتملة النمو: Harvesting immature fruits
ز- الكمر البارد: Cold stratification
ح- غسل البذور: Leaching
ط- إستخدام أكثر من معاملة: Combination of treatments
ى- تعريض البذور لدرجات حرارة متبادلة: Daily alternation of tempeature:
ك- تعريض البذور للضوء: Light exposure
ل- الغمر فى محلول نترات البوتاسيوم Soaking in potassium nitrate solution
م- إستخدام الهرمونات وبعض الكيماويات المنشطةHormones and /other chemical stimulants
توجد بعض الهرمونات والمركبات الكيماوية التى يمكن بإستخدامها كسر سكون بالبذرة وتشجيع إنباتها. ويعتبر حمض الجبريليك أكثر إستخداماً فى هذا المجال. وحمض الجبريليك يؤدى إلى كسر السكون الفسيولوجى بالبذرة وينشط إنباتها بشرط عدم سكون الجنين نفسه. وعادة ما تبلل بيئة إنبات البذور بتركيزات معينة من حمض الجبريليك تتراوح بين 500- 1000جزء فى المليون. كما يستخدم السيتوكينين وهو أحد منظمات النمو بالطبيعية فى تنشيط إنبات البذور وذلك عن طريق إيقافه لنشاط مثبطات الإنبات التى تؤدى إلى سكون البذرة. ويعتبر الكينيتين من أكثر المركبات المستخدمة فى تنشيط إنبات البذور وكسر السكون الراجع إلى درجات الحرارة المرتفعة كما هو الحال فى بذور بعض الأنواع النباتية مثل بذور الخس. ولتحضير محلول من الكينتين تذاب أولا كمية صغيرة منه فى قليل من حمض الهيدوكلوريك ثم تخفف بالماء، وعادة ما تغمر البذور فى محلول تركيزه 100 جزء فى المليون لمدة ثلاث دقائق.
وفـــــى بعــض الأحيان يمكن إستخدام محلول ثيويوريا بتركيز 0.5-3% لكسر سكون البذور خاصة تلك التى لاتنبت جيداً فى الظلام التام أو على درجات الحرارة المرتفعة، أو تلك البذور التى تحتاج إلى معاملات الكمر البارد. وحيث أن الثيويوريا تعتبر من مثبطات النمو، لذلك من المفضل غمر البذور فى محلولها لمدة لاتزيد عن 24 ساعة ثم ترفع البذور وتغسل جيداً بالماء.
العوامل البيئية التى تؤثر على إنبات البذرة Environmental factors affecting seed germination :أن إنبات البذرة يتطلب توافر عدة عوامل منها وجود الظروف البيئية اللازمة لذلك مثل الماء والحرارة والهواء والضوء وغيرها. وفيما يلى موجزاً لدور كل عامل من العوامل البيئية على حدة:
أولا: الماء: Water
يعتبر الماء من العوامل البيئية الأساسية اللازمة لحدوث الانبات. حيث أن النشاط الأنزيمى وعمليات هدم وبناء المواد الغذائية المختلفة تتطلب لاتمامها وسطاً مائياً. وكما هو معروف فإن إنبات البذرة يتحكم فيه بصفة اساسية محتواها المائى، فالبذرة عادة لا تنبت إذا كان محتواها الرطوبى أقل من 40- 60% (على أساس الوزن الطازج). وعند زراعة البذور الجافة تقوم بإمتصاص الماء بسرعة فى بادئ الأمر حتى يحدث التشبع والانتفاخ، ثم يعقب ذلك إنخفاض فى معدل إمتصاص الماء والذى لايلبث أن يزداد بظهور الجذير وتمزق الغلاف. وقدرة البذرة على إمتصاص الماء تتوقف على عدة عوامل هامة منها نفاذية أغلفة البذرة للماء والماء المتاح بالوسط المحيط بالبذرة وأيضاً درجة حرارة الوسط أو البيئة، فنجد أن إرتفاع درجة حرارة البيئة يزيد من معدل إمتصاص البذرة للماء. وبانبات البذرة وتكوين الجذير تبدأ البادرة الصغيرة فى الاعتماد على مجموعها الجذرى ومقدرته على تكوين شعيرات جذرية صغيرة أخرى تساهم فى إمتصاص الماء من الوسط المحيط وكمية الماء التى تمتصها البذرة خلال فترة الانتفاخ وحتى ظهور الجذير تعتبر من الأهمية بما كان حيث أنها يمكن أن تؤثر على كل من نسبة ومعدل إنبات البذور.
وتستطيع بذور كثير من الأنواع النباتية أن تنبت فى مدى من الرطوبة الأرضية يقع بين السعة الحقلية Field capacity (FC) ونقطة الذبول المستديمة Permanent wilting point (PWP) ومع ذلك فإن إنبات بذور بعض الأنواع بالنباتية الأخرى مثل الخس والبنجر يتوقف عند مستويات الرطوبة المنخفضة بالتربة. ومثل هذه البذور تحتوى على مواد مثبطة للانبات يلزم للتخلص منها توافر رطوبة أرضية عالية.
وتجدر ملاحظة أن معدل ظهور البادرات الصغيرة يتأثر كثيراً بمحتوى الرطوبة الأرضية، حيث يقل إلى حد كبير مع إنخفاض الرطوبة فى الوسط المحيط بالبذور. ويمكن تسهيل إنبات البذور وذلك بغمرها فى الماء لعدة ساعات قبل الزراعة.
ثانيا: الحرارة: Temperature
ربما تعتبر الحرارة من أهم العوامل البيئية التى تنظم عملية الانبات وتتحكم بدرجة كبيرة فى نمو الشتلة أو البادرة. وعموما فان للحرارة تأثير على نسبة ومعدل إنبات البذور. حيث أنه عند درجات الحرارة المنخفضة يقل معدل الانبات وبإرتفاع درجة الحرارة يزيد هذا المعدل حتى يصل إلى المستوى الأمثل، ولكن بزيادة درجة الحرارة عن هذا الحد يقل معدل الانبات نتيجة للضرر الذى يحدث للبذرة. وعلى العكس من ذلك فإن نسبة الانبات ربما تظل ثابتة الى فترة محددة بارتفاع درجة الحرارة وحتى تصل هذه الدرجة إلى المستوى الأمثل وحتى يتوفر الوقت الذى يسمح بحدوث الانبات. وتقسم درجة الحرارة التى يحدث عندها الانبات إلى ثلاث درجات هى:
أ- درجة الحرارة الصغرى: وهى أقل درجة حرارة يحدث عندها الإنبات.
ب- درجة الحرارة المثلى: وهى درجة الحرارة التى يحدث عندها أكبر نسبة إنبات وأعلى معدل إنبات. وتتراوح درجة الحرارة المثلى للبذور الغير ساكنة لمعظم الأنواع النباتية بين 25- 30هم.
جـ- درجة الحرارة القصوى: وهى أعلى درجة حرارة يحدث عندها الانبات. وأى ارتفاع فى درجة الحرارة عن الدرجة القصوى ربما تضر البذور أو تدفعها إلى دخول السكون الثانوى.
وعموماً تختلف إحتياجات بذور الأنواع المختلفة لدرجات الحرارة التى تشجع إنباتها، ومن ثم يمكن تقسيم النباتات تبعاً لدرجة الحرارة اللازمة لانبات بذورها إلى:
أ- بذور تتحمل درجات الحرارة المنخفضة: يمكن لبذور كثير من الأنواع النباتية- وخاصة البرية منها- النامية فى المناطق المعتدلة من الانبات خلال نطاق حرارى واسع يتراوح مابين 4.5هم (وفى بعض الأحيان قرب درجة التجمد) حتى حدود درجات الحرارة المميتة (30- 40هم). وتشمل هذه المجموعة بذور كثير من النباتات منها على سبيل المثال بذور الخس والكرنب.
ب- بذور تحتاج إلى درجات حرارة منخفضة: وتحتاج بذور نباتات هذا القسم الى درجة حرارة منخفضة حتى تنبت. وغالباً ما يفشل الانبات إذا تعرضت البذور لدرجة حرارة أعلى من 25هم. وعدم قدرة البذور على الانبات فى ظروف درجات الحرارة المرتفعة ظاهرة شائعة الوجود فى البذور حديثة الحصاد لكثير من الأنواع النباتية. وتشمل هذه المجموعة بذور كثير من الأنواع النباتية مثل البصل والبرمبولا والدلفينيوم.
جـ- بذور تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة: تحتاج بذور عديد من الأنواع النباتية خاصة تلك التى تنمو فى المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية الى درجة حرارة مرتفعة نسبياً حتى تستطيع الانبات، فأقل درجة حرارة يمكن أن يحدث عندها إنبات بذور الاسبرجس والطماطم هى 1-هم، فى حين أن درجة 15هم تعتبر أقل درجة تلزم لانبات بذور بعض المحاصيل الأخرى مثل الباذنجان والفلفل والفول... الخ.
د - بذور تحتاج إلى درجات حرارة متبادلة: تذبذب درجات الحرارة خلال الليل والنهار تعطى نتائج أفضل إذا ما قورنت بدرجات الحرارة الثابتة بالنسبة لانبات البذور ونمو البادرات. وبذور قليل من الأنواع النباتية لايمكن أن تنبت على درجات الحرارة الثابتة، بل يلزم تعريض البذور لدرجات حرارة متبادلة بحيث يكون الفرق بين درجتى الحرارة التى تعرض لهما البذور لايقل عن 10هم.
ثالثا: التهوية Areation
كما هو معروف فان الهواء الجوى يحتوى على ثلاث غازات أساسية ضمن مكوناته وهى الأكسجين وثانى أكسيد الكربون والنيتروجين. ويمثل الأكسجين 20% بينما يشكل ثانى أكسيد الكربون 0.03% أما غاز النيتروجين فيمثل مايقرب من 80% من مكونات الهواء الجوى. ويعتبر الأكسجين ضرورى جداً لانبات بذور كثير من الأنواع النباتية. أما إذا ارتفع تركيز ثانى أكسيد الكربون عن 0.03% فى البيئة، فغالباً ما يثبط إنبات البذور. ومن ناحية أخرى فإن غاز النيتروجين ليس له تأثير على إنبات البذور بصفة عامة.
ويزداد معدل تنفس البذور زيادة كبيرة خلال الانبات، والتنفس عملية أساسية لاتمام عمليات الأكسدة اللازمة لنمو وتمدد الجنين ومن ثم فإن توافر الأكسجين بالبيئة يعد ضرورياً لحدوث الانبات الجيد. لذلك فإن أى نقص فى تركيز الأكسجين الموجود بالبيئة عن تركيزه فى الهواء الجوى يؤدى إلى إعاقة أو تثبيط إنبات بذور كثير من النبات.
ونقص الأكسجين اللازم للجنين خلال الانبات ينتج أساساً من ظروف ببيئة الانبات خاصة إذا كانت تلك البيئة مغمورة بالماء. أو قد يرجع نقص الأكسجين إلى عدم نفاذية أغلفة البذرة له، حيث أنه فى كثير من الحالات فإن أغلفة البذور لاتسمح بتبادل الغازات بين الجنين والهواء الخارجى. ويتأثر مستوى الأكسجين فى بيئة النمو بمقدار ذائبيته القليلة فى الماء وعمق الزراعة، حيث يقل تركيز الأكسجين بشدة كلما زاد عمق زراعة البذور.
أما بالنسبة لغاز ثانى أكسيد الكربون (ك أ2) وهو يمثل ناتج عملية التنفس- فيتجمع ويزداد تركيزه خاصة فى البيئات سيئة التهوية، كما يزداد تركيزه بازدياد عمق الزراعة ومن ثم فإنه يعمل على تثبيط إنبات البذور.
رابعا: الضوء Light
يمكن للضوء أن يؤثر على إنبات البذور- وتختلف احتياجات بذور الأنواع النباتية المختلفة للضوء- فهناك بعض النباتات مثل نوع التين Strangling Fig (Ficus aurea) تحتاج بذورها إلى ضوء تام ومستمر حتى تنبت، وتفقد هذه البذور حيويتها خلال بضعة أسابيع إذا لم تعرض للضوء. كما يشجع الضوء إنبات بذور مجموعة أخرى من الأنواع النباتية تشمل كثير من أنواع الحشائش والخضر والزهور. وقد يثبط بالضوء من إنبات بذور بعض الأنواع النباتية الأخرى مثل البصل. وتستجيب بعض النباتات لطول النهار (الفترة الضوئية) فهناك بذور تحتاج إلى نهار طويل لكى تنبت مثل بذور البتولا ولكن يلزم أيضاً تعريض هذه البذور لفترة برودة معينة حتى تساعد على إنباتها، بينما يثبط النهار الطويل إنبات بذور بعض الأنواع الأخرى
1- الجنين: يعتبر الجنين منشأ لنبات جديد ويتكون غالباً نتيجة لاتحاد الجاميطة المؤنثة المذكرة وقد تحتوى البذرة على أكثر من جنين واحد ويتركب الجنين من السويقة الجنينية السفلى، الفلقات، السويقة الجنينية العليا والريشة والجذير.
2- الأنسجة المختزنة: تخزن البذور الغذاء اما فى الفلقات أو فى الاندروسبرم أو البرسبرم وتسمى البذور الاندوسبرمية albuminous أما الغير اندوسبرمية فتسمى exalbumenous وفى هذه الحالة يخزن الغذاء اما داخل الفلقات أو أحيانا فى البرسبرم الذى ينشأ من النيوسيلة.
3-الأغلفة البذرية: تتكون من أغلفة البذرة أو بقايا النيوسيلة والاندوسبرم ويتكون غلاف البذرة (القصرة testa) من أغلفة البويضة وهى تتكون من علاف أو اثنين عادة وغالبا ما يتصلب الغلاف الخارجى ويصبح ذو لون غامق فى حين يظل الغلاف الداخلى شفاف رقيق وتبقى النيوسيلة والاندوسبرم داخل الغلاف الداخلى مكونة فى بعض الحالات طبقة واضحة حول الجنين.
أنواع البذور:
تقسم البذور عادة إلى قسمين من ناحية التركيب التشريحى:
أ- بذور وحيدة الأجنة: وهى التى عندما تنمو تعطى نبات واحد.
ب- بذور عديدة الأجنة: وهى التى تعطى عند إنباتها عدة بادرات إحداها ناتجة من الجنين الجنسى أما النموات الباقية فتنتج خضرياً من نسيج النيوسيلة وتكون متشابه وراثيا تماما لأنسجة الأم لذا يمكن اعتبار هذه النباتات خضرية التكاثر ولو أنها ناتجة من البذور وتعتبر المانجو والموالح والكازمارو من أشهر الأمثلة لهذه البذور عديدة الأجنة.
التكاثر البذرى :
هو إنتاج فرد أو نبات جديد طريق جنين البذرة الجنسى والناتج عن عمليتى التلقيح والإخصاب. وتستخدم البذرة كوسيلة إكثار أساسية . ولكن بالنسبة لأشجار الفاكهة فإنه قد لا ينصح بإتباع التكاثر الجنسي حيث أن معظم أشجار الفاكهة خلطية التلقيح مما يعنىأنها خليط وراثيا أي تختلف وراثيا فيما بينها، حيث أنه عند تكوين حبوب اللقاح والبويضات من خلال الانقسام الاختزالى يحدث الانعزالات الوراثية والعبور والكيازما ومن ثم تختلف الجاميطات الناتجة عن بعضها فى التركيب الوراثى والذى يؤدى إلى إنتاج نسل يختلف كل فرد فيه عن الآخر، أوغير متماثلة .
إنبات البذرة Seed germination:هو مقدرة البذرة على إعطاء بادرة واستئناف نمو الجنين بعد توقفه عن النمو أو سكونه مؤقتا لحين تهيئ الظروف الملائمة للإنبات وتشمل عملية الإنبات عمليات طبيعية , وكيميائية فسيولوجية حيوية .
العمليات الطبيعية للإنبات : تبدأ العمليات الطبيعية بامتصاص الماء Imbibition وهى عملية طبيعية تحدث سواء للبذور سواء كانت حية ام ميتة فتنتفخ الخلايا ويصبح السيتوبلازم اكثر مائية Hydrated وتطرى أغطية البذرة وتصبح اكثر نفاذية للغازات وينتج عن التشرب انطلاق حرارة .
العمليات البيوكيميائية للإنبات : تشمل العمليات الكيميائية للإنبات التنفس وزيادة حجم الخلايا وتنشيط الأنزيمات وتكوين أنزيمات جديدة وهى التى تقوم بهضم الغذاء المخزون فى مناطق تخزين الغذاء Stored food digestion بتحويل النشا الى سكريات والليبيدات الى الأحماض الدهنية والجلسرول والبروتينات الى أحماض أمينية والفيتين الى أيونات فوسفات وبذلك يسهل نقلها الى المرستيمات .
يتطلب إنبات البذرة توافر ثلاثة عوامل رئيسية هامة وهى:
* يجب أن تكون البذور حية ، بمعنى أن يكون الجنين حى وله القدرة على الانبات.
* عدم وجود البذرة فى حالة السكون وأن يكون الجنين قد مر بمجموعة تغيرات مابعد النضج، وليس هناك موانع كيميائية أو فسيولوجية تعيق عملية الانبات.
* توافر الظروف البيئية الضرورية للانبات ومنها الماء ودرجة الحرارة والأكسجين وأحياناً الضوء.
مراحل الانبات Stages of germination:يمكن تقسيم عملية الانبات إلى عدة مراحل منفصلة، وذلك بغرض تفهم كل مرحلة منها على حدة، إلا أنها فى حقيقة الأمر مراحل متداخلة مع بعضها، وهذه المراحل هى:
أ- المرحلة الأولى (مرحلة امتصاص الماء): وفيها تقوم المواد الغروبة فى البذور الجافة بامتصاص الماء مما يزيد من المحتوى الرطوبى للبذور، ويعقب ذلك إنتفاخ البذور وزيادة أحجامها وقد يصاحب هذا الانتفاخ تمزق أغلفة البذرة. وتجدر الملاحظة هنا أن عملية إمتصاص الماء وإنتفاخ البذرة يمكن أن تحدث حتى مع البذور الغير حية. وعقب إمتصاص الماء وإنتفاخ البذور يبدأ نشاط الأنزيمات التى تكونت أثناء تكوين الجنين، وكذلك تخليق بعض الأنزيمات الجديدة. كما تنشط بعض المركبات الكيميائية الخاصة بإنتاج الطاقة اللازمة لعملية الانبات مثل (ATP) أو الأدينوزين ثلاثى الفوسفات.
وفى نهاية هذه المرحلة يمكن مشاهدة أولى مظاهر الانبات والتى تتمثل فى ظهور الجذير والذى يظهر كنتيجة لاستطالة الخلايا أكثر من كونه نتيجة للانقسام الخلوى. وعادة ما يظهر الجذير من البذور الغير ساكنة خلال عدة ساعات أو أيام من الزراعة وبظهوره تنتهى المرحلة الأولى.
ب- المرحلة الثانية (مرحلة هضم المواد الغذائية): ويحدث فى هذه المرحلة تحول المواد الغذائية المعقدة مثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات المخزنة فى الأندوسبيرم أو الفلقات الى مواد بسيطة والتى تنتقل إلى نقط النمو الموجودة بمحور الجنين، والتى يسهل على الجنين تمثيلها.
جـ- المرحلة الثالثة (مرحلة النمو): وفى هذه المرحلة يحدث نمو البادرة الصغيرة كنتيجة لإستمرار الإنقسام الخلوى الذى يحدث فى نقط النمو المختلفة والموجودة على محور الجنين. وبتقدم مراحل النمو تأخذ البادرة الشكل الخاص بها.
ويتكون الجنين من المحور الذى يحمل واحدة أو أكثر من الأوراق الفلقية، والجذير الذى يظهر من قاعدة محور الجنين، بينما تظهر الريشة من الناحية العلوية لمحور الجنين فوق الأوراق الفلقية. ويقسم ساق البادرة إلى السويقة الجنينية العليا والتى توجد أعلى الفلقات، والسويقة الجنينية السفلى التى توجد أسفل الفلقات.
ويأخذ إنبات البذور صورتين مختلفتين هما:
(أ) الإنبات الهوائى: وفيه تنمو السويقة الجنينية السفلى إلى أعلى، حاملة الفلقات لتظهر فوق سطح التربة، كما فى حالة إنبات بذور الكريز.
(ب) الانبات الأرضى: وفى هذه الحالة تنمو السويقة الجنينية السفلى إلا أنها لا تتمدد بالقدر الذى يسمح برفع الفلقات فوق سطح التربة ولكن الذى يظهر فوق سطح التربة هى السويقة الجنينية العليا، كما هو الحال عند إنبات بذور الخوخ.
سكون البذرة Seed Deormancy :
لقد حبا الله البذرة القدرة على تأخير أو تأجيل إنباتها حتى يتهيأ لها الوقت الملائم والظروف البيئية المثلى، وذلك لضمان بقاء الأنواع النباتية جيلاً بعد آخر. هذه الميكانيكية خاصة بالنسبة للأنواع النباتية التى تتواجد بالمناطق الصحراوية أو المناطق الباردة، حيث تكون الظروف غير ملائمة لإنبات البذور عقب نضجها أو جمعها مباشرة. وقبل تناول هذا الموضوع يجب أن نفرق بين سكون البذرة الناتج عن عدم توافر الظروف الضرورية للإنبات وهذا ما يطلق عليه Quiescence وبين السكون الحقيقى true dormancy والذى يمكن تعريفه بأنه عدم قدرة البذور الحية على الانبات حتى مع توافر الظروف المثلى والملائمة لذلك، أى يرجع هذا النوع من السكون إلى عوامل داخلية خاصة بالبذرة نفسها. وهناك نوعين من السكون هما:
أ - السكون الأولى: Primary dormancy
وعادة ما يحدث هذا النوع من السكون بالبذرة أثناء نضجها على النبات.
ب- السكون الثانوى: Secondary dormancy
وهذا النوع من السكون يحدث للبذرة بعد جمعها وفصلها عن النبات الأم. ويحدث هذا السكون نتيجة لتأثير واحد أو أكثر من العوامل البيئية.
أولا: السكون الأولى Promary dormancy
وهو أكثر أنواع السكون شيوعاً. ويحدث السكون الأولى نتيجة لعدد من العوامل الطبيعية والفسيولوجية، وهذه العوامل يمكن إجمالها فيما يلى:
1- السكون الراجع إلى أغلقة البذرة :Seed coat dormancy وفى هذه الحالة يقوم غلاف البذرة بالدور الهام فى عدم إنباتها وقد يرجع ذلك إلى:
أ- السكون الطبيعى: Physical dormancy
ويتمثل فى وجود غلاف البذرة الصلب والذى لايسمح بنفاذية الماء، والسكون هنا لايرجع إلى سكون الجنين، وهذه الظاهرة توجد فى بذور كثير من العائلات النباتية مثل العائلة البقولية والعائلة النجيلية والباذنجانية وغيرها وكثير من النباتات الخشبية.
ب- السكون الميكانيكى: Mechanical dormancy
يتمثل فى وجود الأغلفة الصلبة التى تمنع تمدد الجنين خلال عملية الانبات. ولاشك أن وجود هذا العامل يؤخر من إنبات البذرة. وتوجد هذه الحالة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الجوز والفواكه ذات النواة الحجرية (خوخ، مشمش.. الخ). ولقد لوحظ أن الغلاف الصلب (الأندوكارب) المحيط ببذور الخوخ يقلل من معدل إمتصاص الماء ومن ثم يؤخر من التخلص من المواد المثبطة للانبات والموجودة فى أنسجة البذرة.
جـ - السكون الكيميائى (المواد المثبطة للانبات): Chemical dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى وجود مواد كيميائية يطلق عليها مثبطات الانبات توجد فى أنسجة الثمرة وأغلفة البذرة. ولقد لوحظ أن عصير مثل هذه الثمار يثبط إنبات البذور بشدة. وتوجد هذه الظاهرة فى كثير من الأنواع النباتية مثل الموالح (الحمضيات) والقرعيات، والثمار ذات النواة الحجرية والتفاح والكمثرى والعنب والطماطم. ومن أمثلة المواد المثبطة للانبات بعض المركبات الفينولية والكومارين Coumarin وحمض الأبسيسك abscisic acid. وتجدر ملاحظة أن هذه المواد المثبطة يمكن أن تتواجد بالقرب من أجنة بذوربعض الأنواع النباتية الأخرى مثل Atriplex والرجلة.
د- الأغلفة غير المنفذة للغازات Impermeability of seed coats to gases:
على الرغم من أن الماء والأكسجين تتكون من جزئيات صغيرة، إلا أن أغلفة البذرة تتميز بوجود ظاهرة الاختيارية بالنسبة لنفاذية هذه الجزئيات من خلالها، فهى تسمح بمرور جزيئات الماء بينما تمنع مرور جزيئات الأكسجين الضرورى لعملية الانبات. وظاهرة النفاذية الاختيارية توجد فى بذور بعض النباتات مثل الشبيط والتفاح والبسلة. وتجدر ملاحظة أن إنخفاض معدل نفاذية الأكسجين أو زيادته من خلال أغلفة البذرة يرتبط ببعض العوامل الأخرى. فقد لوحظ أن أغلفة بذور التفاح لم تسمح بنفاذ الأكسجين فى حين حدث إمتصاص البذرة للماء وإنتفاخها على درجة حرارة 20هم، بينما يزداد معدل نفاذية الأغلفة للأكسجين عندما تكون درجة حرارة الوسط الذى تم فيه إمتصاص البذرة للماء 4هم.
كما أن هناك بعض البذور تختلف درجة نفاذيتها لغازى الأكسجين وثانى أكسيد الكربون. فقد وجد Brown 1940م أن الغلاف النيوسيلى الداخلى لبذرة الخيار يسمح بنفاذية أكبر لغاز ثانى أكسيد الكربون (15.5مل/سم2/ ساعة) عن غاز الأكسجين (4.3مل/سم2/ ساعة).
2- السكون المورفولوجى: Morphological dormancy
ويوجد هذا النوع من السكون فى بعض العائلات النباتية التى تتصف بذورها بعدم إكتمال نمو الأجنة وقت جمع البذور، ومن ثم يلزم إستكمال نمو هذه الأجنة عقب فصل البذور وجمعها وقبل الإنبات.
وقد يرجع السكون فى هذه الحالة إلى وجود الحالات التالية:
أ- الأجنة الأثرية:
الأجنة الأثرية عبارة عن أجنة غير متكشفة وقت نضج الثمار. فهناك بعض البذور تحتوى على أجنة غير متكشفة وعادة ما تكون هذه الأجنة صغيرة جداً ومطمورة بين الأنسجة المغذية كالاندوسبيرم كما هو الحال فى بذور المانوليا magnolia وبذور كثير من الزهور وأبصال الزينة مثل الأنيمون enemone وشقائق النعمان ranunculus والأوركيد orchids.
وبالاضافة لوجود الأجنة الأثرية فقد توجد أيضاً مواد مانعة للانبات فى الأندوسبيرم المحيط بهذه الأجنة. ويمكن إجراء بعض المعاملات التى من شأنها أن تدفع الجنين على النمو مثل تعريض البذور لدرجة حرارة 15هم أو أقل، وتعريض البذور لدرجات حرارة مختلفة (مرتفعة أو منخفضة) فى تتابع، أو معاملة البذور ببعض المواد الكيماوية مثل نترات البوتاسيوم أو حمض الجبريليك.
ب- الأجنة غير مكتملة النمو :
فى بعض الحالات تحتوى البذور على أجنة غير مكتملة النمو بحيث نجد أن الجنين لا يشغل سوى نصف فراغ البذرة وذلك عند نضج الثمار ومن ثم لابد أن ينمو الجنين ليشغل هذا الفراغ قبل الإنبات. وتوجد هذه الحالة فى بعض نباتات العائلة الخيمية Umbelliferae مثل الجزر وبعض نباتات العائلة Ericaceae مثل الأزاليا rhodidendron. وهناك عدد من الأنواع النباتية وخاصة وحيدة الفلقة منها والتى تنمو فى المناطق الإستوائية توجد ببذورها مثل هذه الظاهرة. أى تحتوى بذورها على أجنة غير مكتملة النمو، ويمكن المساعدة فى إكتمال نمو الجنين وتمددة وذلك بتعريض البذور لدرجات حرارة مرتفعة حتى يحدث الإنبات. فعلى سبيل المثال نجد أن بذور بعض الأنواع المختلفة من النخيل تحتاج إلى فترة طويلة قد تصل إلى عدة سنوات حتى يحدث بها الانبات، ولكن يمكن إختصار هذه المدة إلى ثلاثة أشهر فقط وذلك بتعريض البذور لدرجة حرارة تتراوح مابين 38- 40هم، أو يمكن أن يحدث الانبات خلال 24 ساعة وذلك بفصل الأجنة وزراعتها على بيئات ملائمة. ويمكن معاملة البذور بحمض الجبريليك بتركيز 1000جزء فى المليون وهذه المعاملة تسرع من إنبات بذور النخيل، غير أن أغلفة البذرة تحتاج إلى معاملات خاصة لضمان دخول وتغلغل حمض الجبريليك.
- السكون الفسيولوجى: Physiological dormancy
وهذا النوع من السكون يتحكم فيه عدة عوامل داخلية خاصة بأنسجة البذرة نفسها. فكثير من بذور النباتات العشبية التى تنمو بالمناطق المعتدلة تتميز بذورها بالسكون الفسيولوجى الذى يكون واضحاً عقب جمع البذور والذى يختفى تدريجياً خلال نقل وتداول البذور وتخزينها تخزيناً جافاً. وقد تمتد فترة السكون فى مثل هذه البذور من 1- 6 أشهر.
وعندما تكون البذور ساكنة فسيولوجياً فإنها تحتاج لكى تنبت إلى عدة عوامل بيئية خاصة تختلف عن تلك العوامل المطلوبة للإنبات فى حالة عدم سكون البذرة. فبذور الأمرنتس الطازجة يمكنها أن تنبت فقط على درجات الحرارة المرتفعة (30هم) فى حين أن بذور الخس يثبط إنباتها عند درجات حرارة أعلى من 25هم. كما أن بذور بعض الأنواع النباتية تحتاج إلى الضوء حتى تستطيع الانبات مثل الخس، بينما بذور بعض الأنواع الأخرى تحتاج إلى فترات إظلام حتى يحدث الإنبات.
ويعتقد بأن السكون الفسيولوجى للبذرة وعلى وجه العموم ينظم بمدى التوازن بين كل من مثبطات ومنشطات النمو الداخلية. ويعزى السكون إلى وجود المواد المثبطة أو غياب المواد المنشطة للنمو، أو لمدى العلاقة بين الاثنين. ويتأثر مستوى هذه المواد سواء أكانت مثبطات أو منشطات بعدد من العوامل البيئية الخارجية مثل الضوء والحرارة. ولتوضيح العلاقة بين هذه المواد وكيفية تنظيمها لحدوث السكون من عدمه فقد إقترح Khan 1971م أن هناك ثلاثة أنواع من الهرمونات النباتية تتحكم فى هذه الميكانيكية. النوع الأول وهو الجبريلين وله تأثير تنشيطى على الانبات. ولكى يحدث الانبات لابد من وجود الجبريلين، غير أنه فى وجود المواد المثبطة (النوع الثانى) يختفى التأثير التنشيطى للجبريلين أما النوع الثالث من الهرمونات فهو السيتوكينيين ويعمل على كسر السكون عن طريق منع المواد المثبطة من إظهار تأثيراتها، ومن ثم فإنه إذا وجدت المواد المثبطة فى حالة غير منشطة فإن السيتوكينين لا يصبح له أى دور فى كسر سكون البذرة حيث أن هذه هى وظيفة الجبريلين.
4- سكون الجنين: Embryo dormancy
ويرجع سكون البذرة فى هذه الحالة إلى أن الجنين نفسه فى مرحلة سكون، والدليل على ذلك أنه إذا ما فصلت مثل هذه الأجنة لتنميتها على بيئات معقمة لا يمكن أن تنبت بحالة طبيعية. وهذه الظاهرة توجد فى بذور العديد من أنواع نباتات المناطق المعتدلة. ويلزم لكسر هذا النوع من السكون وتحرير الأجنة منه، أن تعرض البذور لدرجة حرارة منخفضة ورطوبة لفترة معينة من الزمن تحدث خلالها عدة تغيرات تؤدى إلى الانبات وهذه التغيرات يطلق عليها تغيرات بعد النضج. وتعرض البذور لدرجات حرارة منخفضة ورطوبة مناسبة مع وجود التهوية الجيدة لفترة زمنية تطول أو تقصر حسب الأنواع. كل هذه الاحتياجات يمكن الابقاء بها عن طريق ما يطلق عليه الكمر البارد Cold stratitication وفيه توضع البذور فى طبقات متبادلة مع طبقات من الرمل أو نشارة الخشب المنداه فى صوان أو صناديق، ثم تخزن فى الثلاجة على درجة حرارة منخفضة (2-7هم) لفترة زمنية تختلف بإختلاف الأنواع النباتية، ويحدث خلالها تغيرات ما بعد النضج.
وبذور الأنواع النباتية التى بها هذا النوع من السكون، تحتاج إلى برودة عالية لمدة تتراوح من 1-4 أشهر لكى يحدث الانبات. علاوة على ذلك فإنه عند فصل أجنة هذه البذور وتنميتها على بيئات مغذية، فهى عادة لا تنبت بحالة طبيعية بل تظهر درجات مختلفة من أعراض السكون. فقد تتمدد الفلقات ويحضر لونها مع خروج جذير قصير وسميك، كما لايحدث نمو أو استطالة للسويقة الجنينية العليا. ويمكن إستخدام هذه المظاهر البسيطة للحكم إلى حد ما على مدى حيوية هذه البذور الساكنة.
ولكسر هذا النوع من السكون يجب توافر الظروف التالية:
1- إمتصاص البذرة للماء وإنتفاخها.
2- تعريض البذور للبرودة (ليس من الضرورى أن تكون على درجة التجمد).
3- التهوية الجيدة.
4- الوقت الكافى.
ولحدوث تغيرات مابعد النضج، لابد للبذور من إمتصاص الماء، حيث لوحظ أن البذور ذات الأغلفة الصلبة (مثل الخوخ والمشمش... الخ) تمتص الماء ببطئ شديد مما يؤدى إلى زيادة الفترة اللازمة لحدوث التغيرات المطلوبة.
وخلال تعرض البذرة لدرجة الحرارة المنخفضة، نجد أن المحتوى الرطوبى الداخلى بالبذرة يظل ثابتاً تقريباً أو ربما يرتفع هذا المحتوى تدريجياً، ولكن بنهاية السكون ومع بداية الانبات يبدأ الجنين فى إمتصاص الماء بسرعة. ويجب ملاحظة أن نقص المحتوى الرطوبى للبذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى حدوث آثار سيئة. فالجفاف قرب نهاية الكمر البارد يمكن أن يؤدى إلى الأضرار بالجنين. كذلك فإن جفاف البذور خلال عملية الكمر البارد يؤدى إلى إيقاف تغيرات ما بعد النضج، علاوة على أنه يؤدى إلى ما يسمى بالسكون الثانوى
وتعتبر الحرارة من أهم العوامل التى تؤثر على معدل حدوث تغيرات ما بعد النضج خلال فترة كمر البذور. وقد وجد أن أنسب درجات حرارة والتى يمكن عندها كسر السكون وحدوث التغيرات المختلفة تتراوح بين 2- 57هم. وقد تحدث درجات الحرارة الأقل أو الأعلى من هذا المدى نقصاً فى معدل تغيرات ما بعد النضج. وقد تؤدى درجات الحرارة المرتفعة إلى فشل الإنبات وحدوث السكون الثانوى. وقد وجد أن تعريض بذور التفاح لدرجة حرارة 17هم يحدث عندها توازن بين العمليات المؤدية الى تغيرات بعد النضج وتلك المسئولة عن السكون الثانوى. وتسمى هذه الدرجة من الحرارة بحرارة التعويض Compensation temperature. وإستجابة بذور التفاح للانبات تختلف بإختلاف درجات الحرارة التى عرضت لها البذور، فعند درجات الحرارة المنخفضة كان إنبات البذور بطيئاً، ولكن نسبة الإنبات كانت مرتفعة، بينما عند درجات الحرارة المرتفعة زاد معدل الانبات غير أن نسبة الانبات إنخفضت، وهذا الانخفاض فى نسبة الانبات يزداد كلما إرتفعت درجة الحرارة.
ولابد من توافر التهوية الجيدة حول البذور أثناء عملية الكمر البارد إذ أن ذلك يؤدى إلى حدوث تغيرات ما بعد النضج بحالة طبيعية. ويختلف طول فترة بعد النضج بإختلاف الأنواع أو الأصناف التابعة لنفس النوع. وقد تمتد هذه الفترة من 1-3 أشهر، إلا أنها قد تزداد إلى 5 أو 6 أشهر فى بعض الأنواع النباتية الأخرى.
5- سكون السويقة الجنينية العليا: Epicotyl dormancy
فى بعض الحالات نجد أن البذور تحتاج إلى عمليات كمر بارد منفصلة لكل من الجذير والسويقة الجنينية السفلى والسويقة الجنينية العليا.
ويمكن تقسيم الأنواع التى تقع تحت هذا القسم الى مجموعتين هما:
أ- بذور يمكن تنشيط إنباتها وذلك بتعريضها لوسط دافئ لفترة تختلف من 1-3 أشهر، وهذه المعاملة تنشط نمو الجذير والسويقة الجنينية السفلى، وبعد ذلك تحتاج البذور للتعرض للبرودة لمدة تتراوح بين 1-3 أشهر أيضاً حتى يمكن للسويقة الجنينية العليا أن تنمو بحالة طبيعية.
ب- وفى هذه المجموعة تحتاج البذور للكمر البارد لأحداث تغيرات بعد النضج فى الجنين، ثم يعقب ذلك تعريض البذور لفترة دفئ للسماح للجذير بالنمو ثم تعرض مرة ثانية لفترة برودة حتى ينشط النمو الخضرى. وفى الطبيعة نجد أن بذور مثل هذه الأنواع تحتاج إلى موسمى نمو كاملين حتى يكتمل إنباتها.
6- وجود نوعين من السكون: Double dormancy
فى بعض الحالات يوجد بالبذرة أكثر من نوع واحد من السكون، فمثلاً فى بعض الحالات تتميز البذرة بالأغلفة الصلبة الغير منفذة للماء، هذا بالإضافة إلى سكون الجنين نفسه، ولتشجيع البذور على الانبات لابد من كسر كلا نوعى السكون. فيمكن معاملة أغلفة البذرة ببعض المعاملات التى تسمح للماء بالمرور من خلاله إلى الجنين، ثم تحدث تغيرات بعد النضج التى من شأنها كسر سكون الجنين. وأفضل طريقة للتخلص من سكون هذه البذور هو إجراء كمر دافئ لبضعة أشهر تنشط خلاله الأحياء الدقيقة لتحلل غلاف البذرة ثم يعقب ذلك كمر بارد.
وهذا النوع من السكون يوجد فى بذور الأنواع الشجرية والشجيرية والتى تنمو فى المناطق الباردة حيث تتميز بذورها بوجود الأغطية الصلبة. وفى الطبيعة تلعب العوامل البيئية دوراً هاماً فى كسر هذا السكون حيث أنه عند سقوط البذور على سطح الأرض يحدث كسر للسكون الطبيعى (الناشئ عن أغلفة البذرة) حيث تحدث ليونة أو تطرية فى هذه الأغطية، ثم بتعرض البذور لبرد الشتاء تحدث تغيرات بعد النضج.
ثانيا : السكون الثانوى Secondary dormancy
هذا النوع من السكون يحدث للبذور عقب فصلها وجمعها من النبات الأم. وهنا يجب ملاحظة أن البذور فى هذه الحالة عقب جمعها لاتكون ساكنة ولكن نتيجة لتعرضها لبعض الظروف يمكن دفعها إلى دخول السكون.
ويمكن تحرير البذور من السكون الثانوى وذلك بتعريضها للبرودة وأحيانا للضوء وفى كثير من الحالات بمعاملة البذور بالهرمونات المنشطة للانبات خاصة حمض الجبريليك gibberellic acid. كذلك يمكن منع حدوث السكون الثانوى بتجفيف البذور وتخزينها تخزيناً جافاً.
ويلعب السكون الثانوى دوراً هاماً للمحافظة على الأنواع النباتية فى الطبيعة. فكما هو ملاحظ أن بذور نباتات الأنواع المنزرعة تحتفظ بحيويتها لمدة طويلة إذا كانت هذه البذور جافة، كما أنها تفقد سكونها الأولى خلال فترات التخزين، ويمكن لمثل هذه البذور أن تنبت مباشرة عند غمرها بالماء.
المعاملات التى تؤدى إلى كسر سكون البذرة Treatments to overcome seed dormancy :
هناك عدة معاملات تجرى على البذور قبل زراعتها وذلك لإخراجها من السكون وحتى تنبت بصورة طبيعية، وتعطى بادرات قوية النمو. بعض هذه المعاملات تجرى بغرض تطرية أو تليين غطاء البذرة حتى يسهل دخول الماء والغازات من خلاله، والبعض الأخر يجرى لكسر سكون الجنين نفسه أو لازالة المواد المثبطة للنمو والتى تمنع إنبات البذور.
وفيما يلى وصفاً موجزاً لهذه المعاملات:
أ- الخدش الميكانيكى: Mechanical searification
ب- الغمر فى الماء الساخن: Hot water scarification
جـ- المعاملة بالأحماض: Acids scaritication
د - الكمر الدافى: Warm moist scariffication
هـ- المعاملة بالحرارة المرتفعة: High temperature scarification
و- جمع الثمار غير مكتملة النمو: Harvesting immature fruits
ز- الكمر البارد: Cold stratification
ح- غسل البذور: Leaching
ط- إستخدام أكثر من معاملة: Combination of treatments
ى- تعريض البذور لدرجات حرارة متبادلة: Daily alternation of tempeature:
ك- تعريض البذور للضوء: Light exposure
ل- الغمر فى محلول نترات البوتاسيوم Soaking in potassium nitrate solution
م- إستخدام الهرمونات وبعض الكيماويات المنشطةHormones and /other chemical stimulants
توجد بعض الهرمونات والمركبات الكيماوية التى يمكن بإستخدامها كسر سكون بالبذرة وتشجيع إنباتها. ويعتبر حمض الجبريليك أكثر إستخداماً فى هذا المجال. وحمض الجبريليك يؤدى إلى كسر السكون الفسيولوجى بالبذرة وينشط إنباتها بشرط عدم سكون الجنين نفسه. وعادة ما تبلل بيئة إنبات البذور بتركيزات معينة من حمض الجبريليك تتراوح بين 500- 1000جزء فى المليون. كما يستخدم السيتوكينين وهو أحد منظمات النمو بالطبيعية فى تنشيط إنبات البذور وذلك عن طريق إيقافه لنشاط مثبطات الإنبات التى تؤدى إلى سكون البذرة. ويعتبر الكينيتين من أكثر المركبات المستخدمة فى تنشيط إنبات البذور وكسر السكون الراجع إلى درجات الحرارة المرتفعة كما هو الحال فى بذور بعض الأنواع النباتية مثل بذور الخس. ولتحضير محلول من الكينتين تذاب أولا كمية صغيرة منه فى قليل من حمض الهيدوكلوريك ثم تخفف بالماء، وعادة ما تغمر البذور فى محلول تركيزه 100 جزء فى المليون لمدة ثلاث دقائق.
وفـــــى بعــض الأحيان يمكن إستخدام محلول ثيويوريا بتركيز 0.5-3% لكسر سكون البذور خاصة تلك التى لاتنبت جيداً فى الظلام التام أو على درجات الحرارة المرتفعة، أو تلك البذور التى تحتاج إلى معاملات الكمر البارد. وحيث أن الثيويوريا تعتبر من مثبطات النمو، لذلك من المفضل غمر البذور فى محلولها لمدة لاتزيد عن 24 ساعة ثم ترفع البذور وتغسل جيداً بالماء.
العوامل البيئية التى تؤثر على إنبات البذرة Environmental factors affecting seed germination :أن إنبات البذرة يتطلب توافر عدة عوامل منها وجود الظروف البيئية اللازمة لذلك مثل الماء والحرارة والهواء والضوء وغيرها. وفيما يلى موجزاً لدور كل عامل من العوامل البيئية على حدة:
أولا: الماء: Water
يعتبر الماء من العوامل البيئية الأساسية اللازمة لحدوث الانبات. حيث أن النشاط الأنزيمى وعمليات هدم وبناء المواد الغذائية المختلفة تتطلب لاتمامها وسطاً مائياً. وكما هو معروف فإن إنبات البذرة يتحكم فيه بصفة اساسية محتواها المائى، فالبذرة عادة لا تنبت إذا كان محتواها الرطوبى أقل من 40- 60% (على أساس الوزن الطازج). وعند زراعة البذور الجافة تقوم بإمتصاص الماء بسرعة فى بادئ الأمر حتى يحدث التشبع والانتفاخ، ثم يعقب ذلك إنخفاض فى معدل إمتصاص الماء والذى لايلبث أن يزداد بظهور الجذير وتمزق الغلاف. وقدرة البذرة على إمتصاص الماء تتوقف على عدة عوامل هامة منها نفاذية أغلفة البذرة للماء والماء المتاح بالوسط المحيط بالبذرة وأيضاً درجة حرارة الوسط أو البيئة، فنجد أن إرتفاع درجة حرارة البيئة يزيد من معدل إمتصاص البذرة للماء. وبانبات البذرة وتكوين الجذير تبدأ البادرة الصغيرة فى الاعتماد على مجموعها الجذرى ومقدرته على تكوين شعيرات جذرية صغيرة أخرى تساهم فى إمتصاص الماء من الوسط المحيط وكمية الماء التى تمتصها البذرة خلال فترة الانتفاخ وحتى ظهور الجذير تعتبر من الأهمية بما كان حيث أنها يمكن أن تؤثر على كل من نسبة ومعدل إنبات البذور.
وتستطيع بذور كثير من الأنواع النباتية أن تنبت فى مدى من الرطوبة الأرضية يقع بين السعة الحقلية Field capacity (FC) ونقطة الذبول المستديمة Permanent wilting point (PWP) ومع ذلك فإن إنبات بذور بعض الأنواع بالنباتية الأخرى مثل الخس والبنجر يتوقف عند مستويات الرطوبة المنخفضة بالتربة. ومثل هذه البذور تحتوى على مواد مثبطة للانبات يلزم للتخلص منها توافر رطوبة أرضية عالية.
وتجدر ملاحظة أن معدل ظهور البادرات الصغيرة يتأثر كثيراً بمحتوى الرطوبة الأرضية، حيث يقل إلى حد كبير مع إنخفاض الرطوبة فى الوسط المحيط بالبذور. ويمكن تسهيل إنبات البذور وذلك بغمرها فى الماء لعدة ساعات قبل الزراعة.
ثانيا: الحرارة: Temperature
ربما تعتبر الحرارة من أهم العوامل البيئية التى تنظم عملية الانبات وتتحكم بدرجة كبيرة فى نمو الشتلة أو البادرة. وعموما فان للحرارة تأثير على نسبة ومعدل إنبات البذور. حيث أنه عند درجات الحرارة المنخفضة يقل معدل الانبات وبإرتفاع درجة الحرارة يزيد هذا المعدل حتى يصل إلى المستوى الأمثل، ولكن بزيادة درجة الحرارة عن هذا الحد يقل معدل الانبات نتيجة للضرر الذى يحدث للبذرة. وعلى العكس من ذلك فإن نسبة الانبات ربما تظل ثابتة الى فترة محددة بارتفاع درجة الحرارة وحتى تصل هذه الدرجة إلى المستوى الأمثل وحتى يتوفر الوقت الذى يسمح بحدوث الانبات. وتقسم درجة الحرارة التى يحدث عندها الانبات إلى ثلاث درجات هى:
أ- درجة الحرارة الصغرى: وهى أقل درجة حرارة يحدث عندها الإنبات.
ب- درجة الحرارة المثلى: وهى درجة الحرارة التى يحدث عندها أكبر نسبة إنبات وأعلى معدل إنبات. وتتراوح درجة الحرارة المثلى للبذور الغير ساكنة لمعظم الأنواع النباتية بين 25- 30هم.
جـ- درجة الحرارة القصوى: وهى أعلى درجة حرارة يحدث عندها الانبات. وأى ارتفاع فى درجة الحرارة عن الدرجة القصوى ربما تضر البذور أو تدفعها إلى دخول السكون الثانوى.
وعموماً تختلف إحتياجات بذور الأنواع المختلفة لدرجات الحرارة التى تشجع إنباتها، ومن ثم يمكن تقسيم النباتات تبعاً لدرجة الحرارة اللازمة لانبات بذورها إلى:
أ- بذور تتحمل درجات الحرارة المنخفضة: يمكن لبذور كثير من الأنواع النباتية- وخاصة البرية منها- النامية فى المناطق المعتدلة من الانبات خلال نطاق حرارى واسع يتراوح مابين 4.5هم (وفى بعض الأحيان قرب درجة التجمد) حتى حدود درجات الحرارة المميتة (30- 40هم). وتشمل هذه المجموعة بذور كثير من النباتات منها على سبيل المثال بذور الخس والكرنب.
ب- بذور تحتاج إلى درجات حرارة منخفضة: وتحتاج بذور نباتات هذا القسم الى درجة حرارة منخفضة حتى تنبت. وغالباً ما يفشل الانبات إذا تعرضت البذور لدرجة حرارة أعلى من 25هم. وعدم قدرة البذور على الانبات فى ظروف درجات الحرارة المرتفعة ظاهرة شائعة الوجود فى البذور حديثة الحصاد لكثير من الأنواع النباتية. وتشمل هذه المجموعة بذور كثير من الأنواع النباتية مثل البصل والبرمبولا والدلفينيوم.
جـ- بذور تحتاج إلى درجات حرارة مرتفعة: تحتاج بذور عديد من الأنواع النباتية خاصة تلك التى تنمو فى المناطق الاستوائية وتحت الاستوائية الى درجة حرارة مرتفعة نسبياً حتى تستطيع الانبات، فأقل درجة حرارة يمكن أن يحدث عندها إنبات بذور الاسبرجس والطماطم هى 1-هم، فى حين أن درجة 15هم تعتبر أقل درجة تلزم لانبات بذور بعض المحاصيل الأخرى مثل الباذنجان والفلفل والفول... الخ.
د - بذور تحتاج إلى درجات حرارة متبادلة: تذبذب درجات الحرارة خلال الليل والنهار تعطى نتائج أفضل إذا ما قورنت بدرجات الحرارة الثابتة بالنسبة لانبات البذور ونمو البادرات. وبذور قليل من الأنواع النباتية لايمكن أن تنبت على درجات الحرارة الثابتة، بل يلزم تعريض البذور لدرجات حرارة متبادلة بحيث يكون الفرق بين درجتى الحرارة التى تعرض لهما البذور لايقل عن 10هم.
ثالثا: التهوية Areation
كما هو معروف فان الهواء الجوى يحتوى على ثلاث غازات أساسية ضمن مكوناته وهى الأكسجين وثانى أكسيد الكربون والنيتروجين. ويمثل الأكسجين 20% بينما يشكل ثانى أكسيد الكربون 0.03% أما غاز النيتروجين فيمثل مايقرب من 80% من مكونات الهواء الجوى. ويعتبر الأكسجين ضرورى جداً لانبات بذور كثير من الأنواع النباتية. أما إذا ارتفع تركيز ثانى أكسيد الكربون عن 0.03% فى البيئة، فغالباً ما يثبط إنبات البذور. ومن ناحية أخرى فإن غاز النيتروجين ليس له تأثير على إنبات البذور بصفة عامة.
ويزداد معدل تنفس البذور زيادة كبيرة خلال الانبات، والتنفس عملية أساسية لاتمام عمليات الأكسدة اللازمة لنمو وتمدد الجنين ومن ثم فإن توافر الأكسجين بالبيئة يعد ضرورياً لحدوث الانبات الجيد. لذلك فإن أى نقص فى تركيز الأكسجين الموجود بالبيئة عن تركيزه فى الهواء الجوى يؤدى إلى إعاقة أو تثبيط إنبات بذور كثير من النبات.
ونقص الأكسجين اللازم للجنين خلال الانبات ينتج أساساً من ظروف ببيئة الانبات خاصة إذا كانت تلك البيئة مغمورة بالماء. أو قد يرجع نقص الأكسجين إلى عدم نفاذية أغلفة البذرة له، حيث أنه فى كثير من الحالات فإن أغلفة البذور لاتسمح بتبادل الغازات بين الجنين والهواء الخارجى. ويتأثر مستوى الأكسجين فى بيئة النمو بمقدار ذائبيته القليلة فى الماء وعمق الزراعة، حيث يقل تركيز الأكسجين بشدة كلما زاد عمق زراعة البذور.
أما بالنسبة لغاز ثانى أكسيد الكربون (ك أ2) وهو يمثل ناتج عملية التنفس- فيتجمع ويزداد تركيزه خاصة فى البيئات سيئة التهوية، كما يزداد تركيزه بازدياد عمق الزراعة ومن ثم فإنه يعمل على تثبيط إنبات البذور.
رابعا: الضوء Light
يمكن للضوء أن يؤثر على إنبات البذور- وتختلف احتياجات بذور الأنواع النباتية المختلفة للضوء- فهناك بعض النباتات مثل نوع التين Strangling Fig (Ficus aurea) تحتاج بذورها إلى ضوء تام ومستمر حتى تنبت، وتفقد هذه البذور حيويتها خلال بضعة أسابيع إذا لم تعرض للضوء. كما يشجع الضوء إنبات بذور مجموعة أخرى من الأنواع النباتية تشمل كثير من أنواع الحشائش والخضر والزهور. وقد يثبط بالضوء من إنبات بذور بعض الأنواع النباتية الأخرى مثل البصل. وتستجيب بعض النباتات لطول النهار (الفترة الضوئية) فهناك بذور تحتاج إلى نهار طويل لكى تنبت مثل بذور البتولا ولكن يلزم أيضاً تعريض هذه البذور لفترة برودة معينة حتى تساعد على إنباتها، بينما يثبط النهار الطويل إنبات بذور بعض الأنواع الأخرى
Ahmed maher mahmoud- عدد المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 24/11/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى